فلاديمير بوتين والإمبراطورية

فلاديمير بوتين والإمبراطورية

"القادة الروس وخاصة رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين يريد إحياء الإمبراطورية الروسية"، - هذا ما قاله رئيس البنتاغون روبرت غيتس. حيث كما يقول غيتس، انها  "النية الإمبريالية لعرقلة العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا". وزير الدفاع الامريكي  يعتقد أيضا أنها "النية الإمبريالية" هي الأكثر شيوعا لدى بوتين . رئيس وزراء روسيا يحاول  أن يجعل  روسيا اللاعب الرئيسي في الساحة الدولية بكل الوسائل. هذه الحقيقة هي مقلقة للغاية بالنسبة للولايات المتحدة. "هل محكوم على  الروس محاولة جديدة لبناء امبراطورية؟" - هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه في كافة انحاء العالم . البريطاني المعروف بروفيسور قيوفري هوسكينغ قام مؤخرا بكتابة كتاب "الحكام والضحايا - الروس في الاتحاد السوفيتي." وبالتالي هو امر  يقلق البريطانيين أيضا - "بالضبط ما سوف يختاره الروس -انها  الحالة الراهنة مع أجزاء من أراضيها المفقودة -التي فقدت- أو الإمبراطورية جديدة؟" - يسأل هوسكينغ.

 

"من هو السيد بوتين؟"

تم إنشاء هذا السؤال الذي طرح في بداية مهنة بوتين خلال فترة التحول من اللغة السياسية في روسيا الحالية من الحديث الى  احدث. بوتين في اللغة الكلاسيكية كإنسان هو الجوهر، حقيقة واقعة، شخصية في المقام الأول. ثم يجري تفهم   داخل السياق السياسي جنبا إلى جنب تصرفاته السياسية. هذا هو النهج لعصر التنوير: هناك فلاديمير بوتين، وهو سياسي، وهو شخص مع خصوصيات معينة، له  جذور معينة، وهناك أيضا نظام   من التقييمات والأفكار. كان هذا صحيحا حتى العصر الحديث  ...

 

 

داخل الشخص ما بعد الحداثة هو مساحة فارغة، لأن كل إنسان يتعامل مع من هو تفسير له / له وعيه-شبيهه-. ونتيجة لذلك، صورة فلاديمير بوتين لا تبدو  من علم فلاديمير بوتين، وليس من تحليل تصرفاته، ولكن من سياق اللغة التي هو فيها وهذا هو السبب في أن مسألة "من هو السيد بوتين؟" داخل نظام ما بعد الحداثة لا يوجد هناك  جواب على الإطلاق. و هذا هو السؤال المفتوح إلى الأبد.

 

الناس الذين يعرفون رئيس وزرائنا شخصيا بشكل جيد يحبون سماع ما يقال عن بوتين في الغرب،  هذا يحدث لأنهم لم يكملوا الصفقة الأساسية من هذه الحقبه من العصر الحديث والتنوير .  هناك بعض الألعاب النصية حول بوتين في روسيا أو في أوروبا. تلك الصورة البشعة التي في المجتمع الغربي الذي يتعامل مع علاقة مشتركة مع رئيس وزرائنا. داخل تلك الصورة بوتين هو "قزم سياسي" من دون أي إدراك، على أنه مدعوم من الأوساط الأكثر رجعية، و من أبشع المخابرات،  بالنسبة لنا نحن على اتفاق مع بوتين من  جهة و كذلك معه من جهة أخرى كمنهج   لأسلوبنا .

 

بوتين هو رمز الإمبراطورية ؟

روسيا الجديدة الكبيرة الآن تعمل  داخل المنطقة الأوروبية الآسيوية هي فكرة الإمبراطورية الجديدة ذات السيادة من الأموات. أنها ليست الاتحاد السوفياتي، لأن هذا الفكر قد مات، و لا حتى الروسية، وذلك لأن ليس لدينا اتجاه ديني  مشترك هنا. وتشير الاوراسية انها القيامة من مساحة كبيرة في مكان الإمبراطورية الروسية السابقة والاتحاد السوفياتي. هذا المشروع يعارض  بشدة من  الغربيين والروس نفسهم ( الاطلنطيين). لقد قام  بوتين من النظام الاطلنطي اليلتسني  ، ولكن قد تغير الاتجاه 180 درجة. لقد كانت الفكرة الرئيسية عندما جاء، دعوة  روسيا إلى العالم الغربي من أجل أن تصبح، كما قال، "دولة طبيعية". الآن الفكرة هي: روسيا بلد عظيم. لا "طبيعية". فهي دولة، اعادة اماكن  الكواكب، مما يؤدي الى سياسة  مستقلة، وخالية من الضغوط و خالية من عولمة العالم واحدة القطب. هذا ما ينفذه  بوتين وميدفيديف الآن، وهذا هو برنامج الجيوسياسة في بناء الإمبراطورية.

 

 الاوراسية ، على غرار التعاون المشترك  لميدفيديف وبوتين، معارضة  أمران : الأول هو التغريب الليبرالي للديمقراطية، والثاني، وليس آخرا هو القومية الضيقة، التي تقدم روسيا كدولة أحادية الوطنية. هكذا يمكن تفسير سياسة الرئيس بوتين في هذه المدونة الأوروبية الآسيوية.

 

هذا فقط لا يمكن أن يكون

كثير من الناس يقومون  بالتفكير في أشياء كثيرة، لا تشترك في شيء مع الواقع.  صاحب الرؤية  الكاتب الفرنسي جان بارفيوليسكو، الذي يبدو أيضا مثل انه يقول  هراء باهظ، مع أن جميع الضربات من كتاباته تتحقق مع مرور الوقت. لقد تم قراءة مقالاته في السبعينيات في مجلة أوريون الإيطالية. حيث كان هناك  يصف الوضع الذي تحقق في روسيا في بداية التسعينيات بطريقة اخرى "الأحمر والبني"، مع النقابات و الاحزاب من الشيوعيين والقوميين،و مع الليبراليين، والتي تصف التوحد مع الغرب وتدمير الاتحاد السوفياتي العظيم. في ذلك الوقت، ظهرت هذه المقالات حيث ان كثير من الناس كانوا يقولون بارفيوليسكو انها كانت مجنونة، لأنه بدا وكأنه كان بريجنيف  . حتى نحن، و اصدقائه  قالوا: "هذا لا يمكن أن يكون، جان!"، "هذا هو نوع من الهراء!". وكان جوابه "انتظر،  الكساندر ...".

 

في كتابه "الإمبراطورية الأوراسية و  بوتين "، الذي  نشر في روسيا، في الفصول الأولى، وكتب في النهاية أن هناك دول و  أشخاصا في الجيش الروسي وقوات الأمن، الذين  ينتمون  لفكرة الإمبراطورية على نطاق القارة  منذ الستينات. هؤلاء الناس يؤمنون ان العمل لا يقوم على أيديولوجية، ولكن على وسائل الجيوسياسة. يقول انه الرجل الذي سرعان ما سوف يخرج من هذه الدوائر ، وأنه الرجل الذي سوف يقوم بتنفيذ فكرة استعادة الإمبراطورية الجيوسياسية المحتملة من روسيا الشيوعية. الان  القيم التي سوف يتم بناء عليها هذه الامبراطورية  انها هي نفسها  الأساسية للتاريخ الروسي، مثل الكنيسة الأرثوذكسية، و تنمية الوعي الذاتي الوطني. سوف يعود إلى روسيا مرة قبل الشيوعية. بارفيوليسكو يكتب هذا في السبعينيات، ويأتي بعد 20 عاما بوتين. بارفيوليسكو يشير في وجهه: انه هذا هو الرجل من الذي سيحدد  مصير روسيا ، لقد تم كتابة كل الوقت عنه، قبل وقت طويل تعلمت اسمه. بوتين ليس  مجرد شخص. هناك ستكون الإمبراطورية الأوروبية الآسيوية بناء على ما يسميه قانون بارفيوليسكو للاشياء  "العقائدي"  انها  الإمبراطورية. بوتين هو أداة للبناء والخلق.

 

يصف هنا بارفيوليسكو الواقع كما هو في الفهوم  العقائدي كما فعل انبياء  الكتاب المقدس. هكذا كان،و هكذا سيكون و  يمكن أيضا أن يسمى النبي الجديد. اما  النخب الماسونية في الولايات المتحدة الأمريكية هي بداية الشك في كل  شيء ...

 

بوتين ككيان غير موجود:

 

بارفيوليسكو يصف بوتين في سياق غريب، حيث يختلف عن المسؤولين  من التصور الغربي. وقال انه يضع بوتين في تاريخ العالم العالمي جنبا إلى جنب مع الكسندر المقدوني ، نابليون، ديغول وستالين وهتلر، لينين، وأجهزة المخابرات .

 

النقطة الرئيسية هنا هي فهم السياق وهيكل مشروع الإمبراطورية، وليس تصورات بوتين في ذهن أحد .  اثبتها  الكاتب الألماني نوفاليس  من قبل، حيث نعلم المزيد عن الماضي من القصص الملونة، من سجلات الى مملة، والتي تحاول عبثا الآن ايجاد  حقائق عن بوتين من أجل وصف افضل  له. الحقيقة هي أن بعثة بوتين  هو غيبي و غير معروف: فكريا، وأسلوبيا دوغماتيا الناجم عن الميتافيزيقيا للفضاء العظيم وشعبنا العظيم.

 

هذا هو السبب في رؤية جان بارفيوليسكو لبوتين، باني  الإمبراطورية الأوروبية الآسيوية الكبرى،  حيث يستحق دراسة أكثر دقة.  بوتين،سيأتي  بالإمبراطورية، وبكل الوسائل البقاء . روبرت غيتس، جيفري هوسكينغ، كل النخبة الغربية التي تحكم العالم اليوم تدرك  أن الإمبراطورية الأوراسية كانت لا محالة، هي، وستكون هناك. ومن الواضح جدا ان بوتين متصل   مع هذه الإمبراطورية.