الغرب يتحول إلى العقاب

الغرب يتحول إلى العقاب

إلى وقت قريب، و على جميع مستويات الحكومة؛ قيل أن روسيا جزء من الحضارة الغربية، و أنها دولة أوروبية، واقعا، هي طفل للغرب، وظاهر أن الغرب أكبر سنا وأكثر مركزية وأقدر مسؤولية تجاه حضارته، أو يمكن للمرء أن يقول حتى أن الغرب هو أب، و أحد الوالدين. فوفقا لصيغة روسيا بلد أوروبي ، علم الغرب روسيا ما يمكنها فعله وما لا يمكنها عمله. نعم، كان الطفل ضخما وهائلا، ولكن من وجهة نظر الغرب، كان متوحشا وغبيا وربما عليلا.
آمال ساذجة للخطوط الحمراء
لذلك قررت روسيا التمرد، لكن التمرد لا يزال طفوليا بشكل مدهش. فطوال الانفصال الجذري، لم تفشل موسكو أبدا في إلقاء نظرة خاطفة وخائفة صوب شيوخها، حتى وهي تكرر: "لقد انتهى الأمر، لقد خدعتموني، سأترك العائلة..".
هذه هي الطريقة التي يحاول بها صبي بالغ من العمر خمس سنوات مغادرة المنزل، لكنه يستمر في النظر إلى الوراء ليرى ما إذا كان والديه سيركضان خلفه، على أمل أن يفعلوا ذلك. و أن كل شيء سيعود إلى طبيعته.
ومن هنا جاءت الآمال الساذجة للخطوط الحمراء، والاتفاقيات المتعلقة بالقمح و الأمونيا، وعدم قبول أوكرانيا في الناتو والبدء أخيرا في التفاوض. إن مركز الفكر، القضية، بالرغم من العملية العسكرية الخاصة، لا يزال في مكان ما بالخارج، وبشكل أكثر دقة في الغرب. فالتكنولوجيا، التقدم، المال، القواعد...مراكز القرار هناك. نحن غاضبون من هذه القرارات، لكن كيف يمكن للطفل المتمرد أن يعتمد على نفسه: نخبتنا طفولية، ليبرالية بالتمام، أي.. تعتمد على الغرب ؟
لقد آن أوان طلب مساعدة كبار السن.
ينظر الغرب كوالد إلى سلوك طفل أصيب بالجنون ولا يعرف ماذا يفعل، ولكن بما أن كل الحدود في سياق الحضارة الغربية وقواعدها قد تم تجاوزها، ليس من قبل الغرب و حسب، ولكن من قبلنا نحن؛ فقد قررنا تحدي العولمة وإثبات أننا مستقلون وناضجون بما يكفي لبدء مشاركة ممتلكاتنا، إن ما يحدث في أوكرانيا يمكن أن يسمى في نظر الغرب عملية عقاب.
لقد آن الأوان استدعاء الشيوخ الروس، وليس أطفال الاتحاد الروسي الذي تم إنشاؤه في 1991، والذي لم يتحقق أبدا، ولكن آباء روما الثالثة والإمبراطورية الروسية والاتحاد السوفيتي. هم، و راشدو الروس، لم يعتبروا روسيا أبدا جزءا من الغرب، و بالطبع أدركوا أنهم كانوا رعايا لحضارة خاصة؛ منفصلة عن الغرب، سواء كانت إمبراطورية أرثوذكسية أو سوفيتية، و وفقا لذلك تصرفوا.
نحن نحارب جيش من الزومبي/ zombies[2]
و مع ذلك، فإن مثل هذا الإدراك لا يستلزم فقط تغييرا جذريا في النظرة السائدة للعالم، ولكن أيضا دوران سريع للنخب. نحن في حرب مع عدو بالغ. راشد و متحضر، حتى لو كان قد وضع خلفنا جيشا من الزومبي.
هؤلاء المجانين هم مجرد صورة رمزية، يسيطر عليهم مشغلون عقلاء و على بال. العملية الخاصة ليست لعبة، إنها حرب، والحرب هي عمل البالغين من الرجال. ذهب الأولاد إلى المقدمة وليس لديهم الآن منظور آخر سوى النمو بالعجلى. لقد اجتاز بالفعل البعض منهم هذه المرحلة، لكن و بشكل عام، فالطفولة الموالية للغرب في النظام هي التي ستظل سليمة. ومن هنا إخفاقاتنا، فضلا عن المسيرات و التمردات.
إن الوعي الذاتي للنخبة الحديثة الحاكمة بروسيا غير متناسب تماما؛ وغير ملائم لأهمية الظرف التاريخي. و بعد كل شيء، فإن الازدهار المرضي للفساد هو نتيجة ليس للجشع فقط، و لكن أيضا لعدم المسؤولية الكاملة. إنها الطريقة التي يعامل بها الرضيع غير الذكي الأشياء والطعام: يرمي كل ما في متناول يده في فمه.

لذلك لا يوجد سوى مخرج واحد: فلتتصل بالآباء الروس واشرع في النمو بسرعة. إذا أعلنا أنفسنا دولة حضارية، فإما أن نبدأ في التوافق معها (بخبرة تاريخية لدينا)، أو سنمزق إلى أشلاء. [3]
----------------------------
[1] في البال: المقالة مناط الترجمة رهن بالإحاطة علما؛ لا بقصد تبني فحواها جملة أو تفصيلا. المترجم.
[2] الزومبي أو الموتى الأحياء هو الجثة المتحركة التي أثارتها وسائل سحرية من الساحرات أو حدث خطأ بالعقل وغالبا ما يطبق هذا المصطلح غير الحقيقي لوصف شخص منوم مجرد من الوعي الذاتي.كما هو شخص خيالي فقد كل أشكال الوعي والإنسانية، مع سلوك عنيف تجاه البشر، وشره معدي بشكل رهيب.
وتعود أصوله إلى الثقافة الهايتية، ويعمل أيضا على وصف ضحايا نوبات الفودو التي تسمح بإعادة الموتى إلى الحياة أو تدمير ضمير الفرد لجعله قابلا للشكر. تعني كلمة zonbi في الكريول «روح» أو «شبح». كما أنها تعني الآلهة الروحية للقبائل الأفريقية. منذ القرن التاسع عشر، اتخذت الزومبي أشكالًا عديدة ووجدت صدى مهمًا، لا سيما في الفولكلور الأوروبي والأمريكي.
[3] المصدر على الرابط:
https://www.geopolitika.ru/en/article/west-has-moved-operation-punishment

نورالدين علاك الاسفي - الغرب يتحول إلى العقاب - الكسندر دوغين