موجة تعدد الأقطاب

موجة تعدد الأقطاب

ترجمة : نورالدين علاك الأسفي [1]
zawinour@gmail.com

مراقبة التعددية القطبية غدت الآن أكثر موضوعية من أي وقت سلف. فمن خلال منظور صعود التعددية القطبية وتراجع الأحادية القطبية، يجب تفسير الأحداث العالمية الكبرى.
على سبيل المثال، الفضيحة الدبلوماسية بين كندا والهند حول مقتل سيخ في كندا. بدأت الهند تدريجيا في إظهار سيادتها بشكل أكثر فعالية.
ومن الأعراض الأخرى؛ المرشح الرئاسي الأمريكي فيفيك راماسوامي/ Vivek Ramaswamy، مع أجندته المحافظة على العصر القديم والمناهضة للعولمة (مثل ترامب). نعم، ريشي سوناك / Rishi Sunak هو عولمة هندوسية و أطلسية، و آخرون هناك، لكن الحقيقة هي أنه كان هؤلاء فقط هناك ، بينما تظهر الآن الهند المختلفة.
بالمناسبة، الهند لم تعد موجودة. تم استبدال هذا الاسم الاستعماري باسم معاد للاستعمار وقديم وسيادي: بهارات/ Bharat. و المزيد من الهندوس في تعاظم؛ يعتبرون ناريندرا مودي / Narendra Modi صورة رمزية/avatar، والبعد الأفاتاري/ the avataric dimension للحاكم هو الأساس الإلهي للسيادة المتجذرة.
فوز فيكو/ Fico في الانتخابات بسلوفاكيا مثال آخر جلي على موجة تعدد الأقطاب. كما أن سحب دعمه للنازيين في كييف؛ المؤيدين المتحمسين أكثر للعولمة، هو أيضا أحد الأعراض.
دعونا ننتقل الآن إلى الولايات المتحدة. إن الإغلاق الأمريكي، كما أوضح ديمتري سيميس/ Dimitri Symes ، لن يوقف تماما دعم الإرهابيين الأوكرانيين، لكنه سيزيد من التقلبات في الولايات المتحدة، مركز النظام الأحادي القطب. قليلا، ولكن أيضا متعدد الأقطاب تماما. كلما زادت مشاكل الوحدة القطبية، كلما تحسنت الأمور من أجل التعددية القطبية. إنه مثل توصيل الأوعية: إذا دخل أحدهما، يخرج الآخر.
روسيا تشغل الجبهة، وهذا مهم جدا للموجة المتعددة الأقطاب. ربما أكثر أهمية من أي شيء آخر. بعد كل شيء، كانت روسيا هي التي انخرطت بعناد لأول مرة في صراع عسكري مباشر مع النظام العالمي الأحادي القطب؛ و التي تحاول إدارة بايدن والمحافظون الجدد يائسة تنسيقه لإنقاذه. العالم بدأ يدرك ذلك بشكل متزايد، وخاصة دول البريكس / BRICS والدول العربية.
في غرب إفريقيا، يتم على هضبة ماندن/ Manden إحياء إمبراطورية مالي قبل الاستعمار. مالي وبوركينا فاسو والنيجر وغينيا تشكل كتلة مناهضة للاستعمار باعتبارها جوهر المقاومة الأفريقية للعولمة. إن دخول إثيوبيا؛ الدولة الأفريقية الوحيدة التي لم تفقد استقلالها أبدا؛ إلى دول البريكس، هو لحظة رمزية أخرى للموجة المتعددة الأقطاب.
وهكذا، تدريجيا، يضاف كل شيء إلى فسيفساء النظام العالمي الجديد.
تصريحات إيلون ماسك/ Elon Musk الساخرة السلبية على تويتر بشأن زيلينسكي هي أحد الأعراض. كما قامت شبكة إكس بإلغاء حظر حسابي، الذي كان قد هده قبلا فريق تويتر الليبرالي النازي الأحادي القطب السابق. و في غياب رقابة العولمة، تويتر الجديد وسيده يتهمان الآن بأنهما لسان حال الدعاية والتضليل الروسي . الآن حرية التعبير تعتبر بأي شكل من الأشكال دعاية روسية . كما أن ضراوة النخبة العالمية المحتضرة؛ و التي تحاول بشراسة ويئس إنقاذ هيمنتها المتصدعة بأي ثمن؛ غدت جلية بشكل متزايد في الغرب. ربما سيتم تذكر الإدارة الأمريكية الحالية في التاريخ بأنها المحاولة الأخيرة للحفاظ على العالم الأحادي القطب.
و نقلا عن مسؤول أوروبي مجهول قابلته بوليتيكو/ Politico؛ وكالات الأنباء ذكرت أن دول الاتحاد الأوروبي؛ و بعلة التهديد الأمني داخل أوروبا عينها؛ لن تزود كييف بأسلحة من مخزوناتها الاحتياطية. ربما هذه هي طريقة الاتحاد الأوروبي للتحضير للحرب مع روسيا. أو ربما، على العكس من ذلك، تستعد بالفعل للخروج من وضع التصعيد.
اعتبار آخر. يبدو أن هناك مركزا في الجزء العلوي من روسيا نفسها ضد العملية العسكرية الخاصة/ SMO؛ لا يقبل الموجة المتعددة الأقطاب ويريد أن يعود كل شيء إلى ما كان عليه. ربما هذه ليست عوامل مباشرة للتأثير، لكن هؤلاء الذين يشاركون بصدق مبادئ وقيم العولمة الليبرالية؛ وجودهم مؤثر في كل مكان. واقعا، هناك عملية عسكرية خاصة غير مرئية تحدث داخل روسيا ذاتها، حيث يقاوم العدو بشراسة مثل نظام كييف في أوكرانيا؛ و يحاول حتى شن هجوم مضاد من وقت لآخر. يحدث هذا في شكل استطلاعات اجتماعية مزيفة، حيث يتم دعم النصر من قبل أقلية، أو عن طريق تخريب تعبئة المجتمع، أو عن طريق الصمت بشأن العملية العسكرية الخاصة، أو عن طريق المساهمة في زعزعة الاستقرار الاجتماعي من خلال سياسة استفزازية للهجرة غير المنضبطة، أو عن طريق اتباع إستراتيجية اقتصادية ومالية تقوض قواتنا من الداخل. ليس من السهل الكشف عن جوهر هذه القوة المعادية، مركز قيادتها، ومقر إقامتها الرئيسي، لكنني أخشى أنه بدون ذلك سيكون من الصعب جدا علينا شن حرب في اتجاه النصر.
على روسيا الاستعداد للسباق. تطهير صفوفها أمر لا مفر منه. .[2]
------------
[1] في البال: المقال المترجم رهن الإحاطة علما؛ لا تبني فحواه جملة أو تفصيلا. المترجم.
[2] رابط المصدر:
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=809013