تحية لمحبي الروس الأفارقة

تحية لمحبي الروس الأفارقة

ترجمة : نورالدين علاك الأسفي [1]

الأصدقاء الأفارقة الأحباء، محبو الروس الأعزاء!

رائع أن تتذكر إفريقيا صداقتها لروسيا ولا تتخلى عنها حتى في الظروف الصعبة الحالية. لكن في التاريخ والسياسة، صداقة الأمم ليس لها أسباب عاطفية فحسب، بل تتعداها أيضا إلى الجيوسياسية و الأيديولوجية و الاقتصادية.
سأعبر عن أفكاري حول أهم مشاكل وآفاق إفريقيا، في رأيي، حيث يمكن للصداقة الروسية الأفريقية أن تعطي عظيم الثمار.

1. بناء عالم متعدد الأقطاب.

عصر الهيمنة الغربية ينتهي أمام أعيننا؛ والعالم أحادي القطب لم يعد موجودا في الواقع. و البديل، تظهر أقطاب جديدة، مستقلة تماما وذات سيادة. من بينها، أسست روسيا والصين لنفسيهما بالكامل. الهند ودول العالم الإسلامي وأمريكا اللاتينية تنضم إلى نادي الأغلبية العالمية، وغدت أكثر فأكثر أقطابا مستقلة. الكل يرفض الأحادية القطبية ويفضل التعددية. و على إفريقيا، القارة الضخمة ذات الثروة التي لا تحصى – البشرية منها والطبيعية والثقافية والاقتصادية - أن تصبح قطبا مستقلا. لذا فمهمة إفريقيا أن تصبح قطبا كاملا لعالم متعدد الأقطاب. و روسيا، من طليعتها في العملية المتعددة الأقطاب، مستعدة للمساعدة بكل طريقة ممكنة.

2. الوحدة الأفريقية.

لا يوجد لدى أي من البلدان الأفريقية الحجم الكافي ليصبح مثل هذا القطب بمفرده. ولكي يكون المشروع الأفريقي موضوع عالم متعدد الأقطاب، يجب إعادة تنشيطه في المرحلة الجديدة. فشعوب وبلدان أفريقيا لن تتمكن من الحصول على السيادة والاستقلال الكاملين إلا بتوحيد إمكاناتها. واليوم، أكثر من أي وقت مضى، فإن فكرة عموم أفريقيا حيوية، من شأنها أن توحد الشعوب خارج حدود ما بعد الاستعمار. وفي هذا الصدد، فروسيا، التي شرعت هي عينها في طريق التكامل الأوراسي، على استعداد للدعم قدر الإمكان.

3. إنهاء الاستعمار العميق للوعي الأفريقي.

بعد حصولها على استقلالها عن المستعمرين الغربيين بالأمس، احتفظت الدول الأفريقية بالعديد من سمات الحقبة المخزية السابقة من القهر والعبودية. و لا تزال النظرة للعالم والأفكار العلمية والفلسفة وثقافة الدول الأفريقية موجهة نحو مجتمعات أوروبا. هذه هي الطريقة التي يواصل بها الأسياد والمستعبدون السابقون حكم مستعمراتهم السابقة؛ وكذلك نقل أمراض ومشاكل مجتمعاتهم إلى إفريقيا. الاستعمار العسكري والسياسي باتا شيئا من الماضي، لكن الاعتماد الثقافي والتكنولوجي و الجيوسياسي للدول الأفريقية على الغرب مستمر بل ويزداد أحيانا. الآن فقط يتم استخدام آليات جديدة لهذا الغرض-الرشوة الاقتصادية، وهياكل الشبكات (مثل تلك التي أنشأها المضارب والإرهابي الدولي جورج سوروس/ George Soros)، والاعتماد التكنولوجي. لقد آن الأوان لبدء مرحلة جديدة من نضال الشعب الأفريقي من أجل التحرير. و فوق كل شيء، يتعلق الأمر بالعودة إلى قيمها التقليدية، إلى ثقافات وعادات الشعوب الأفريقية الأصيلة. يمكن ملاحظة ذلك بشكل جلي في صراعات الشخصيات الملونة مثل كيمي سيبا/ Kemi Seba، مبومبوغ باسونغ/ Mbombog Bassong ، فرانكلين نيامسي/ Franklin Nyamsi، الذين يدافعون عن الشعارات الأفريقية الأصلية. و بالنظر إلى أن روسيا قد انفصلت الآن بشكل حاد عن الحضارة الغربية وتبحث بنشاط عن شعاراتها الروسية الخاصة، فإن مصالحنا وأولوياتنا هنا أيضا تتطابق.

4. النظرية السياسية الرابعة.

التحرر من الكليشيهات/ الأفكار النمطية الاستعمارية يؤثر بشكل مباشر على السياسة الأفريقية. فبينما قام المستعمرون البيض بسحب حكمهم المباشر رسميا؛ فإنهم حافظوا على إرث فلسفتهم السياسية التي شلت طريق التنمية السياسية الحرة في البلدان الأفريقية. لذلك، وحتى بعد إنهاء الاستعمار، اتبعت الدول الأفريقية طريق المستعمرين باختيار واحدة من الأيديولوجيات السياسية الغربية الحديثة - الليبرالية أو الاشتراكية أو القومية. جميعها أوصلت الأنظمة السياسية في إفريقيا إلى طريق مسدود، وخلقت أزمات وكوارث. واقعا، غدت الأيديولوجيات السياسية الثلاثة أدوات للحكم الخارجي في البيئة السياسية الجديدة. يجب التغلب على هذا بالتحول إلى النظرية السياسية الرابعة - ما بعد الليبرالية والاشتراكية والقومية. و أنا سعيد للغاية لأن كتابي، النظرية السياسية الرابعة/ The Fourth Political Theory ؛ يدرسه المثقفون في غرب إفريقيا، و في شرقها بهمة، كما ترجموه إلى اللغة الصومالية مؤخرا بالقرن الأفريقي. والآن؛ أضحى متاحا لعديد القراء بالصومال وجيبوتي وإثيوبيا وكينيا وأوغندا.

في رأيي، تسليط الضوء على هذه المجالات الأربعة يتغيى أن يكون وسيلة لتكثيف العلاقات الروسية الأفريقية. و بطبيعة الحال، فإن الشراكة الاقتصادية والتعاون في مجال الأمن والأسلحة و الإستراتيجية المشتركة في مجال الموارد الطبيعية مهمة للغاية. لكن هذه الاتجاهات، التي سيقول عنها المتخصصون و المسؤولون الكثير بالتأكيد في منتدانا(منتدى روسيا إفريقيا)، يجب دمجها في سياق تعاون حضاري أساسي و أكثر شمولا.

كل التوفيق لكم! وآمل أن يكون هذا المنتدى تاريخيا على وجه التحديد لأنه سيرسي أسس الشراكة بين حضارتين متميزتين ؛ الروسية والأفريقية؛ كقطبين متميزين؛ بكاملي السيادة. [2]
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[1] في البال: المقال المترجم رهن الإحاطة علما؛ لا تبني فحواه جملة أو تفصيلا. المترجم.
[2] رابط المصدر:

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=802924